أحمد حمدى مدير عام
عدد الرسائل : 45 العمر : 32 المزاج : رايق اوسمة : السٌّمعَة : 0 نقاط : 172393 تاريخ التسجيل : 01/03/2009
| موضوع: شريف مختار وسام علي صدر مصربقلم: فاروق شوشة الأربعاء مايو 06, 2009 6:24 am | |
| لم أكن في مصر حين حدث ماحدث لنابغة الطب الدكتور شريف مختار, الأمر الذي اضطره الي إيثار الانسحاب من المكان الذي أسسه وتعهده ورعاه بكل الإخلاص والتفاني, وهو مركز طب الحالات الحرجة بقصر العيني. وحين عدت من الخارج بدأت تصلني أصداء ماحدث, ورد الفعل الهائل ـ صحفيا وإعلاميا وطبيا ـ لما تعرض له شريف مختار, وسرعة تدخل وزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة لإعادة الأمر الي نصابه, وتمكين العالم الجليل من ممارسة دوره العلمي البحثي والميداني, ورعايته للمحتاجين والفقراء الذين يعجزون عن سداد ثمن الكشف والدواء والعلاج, وتدريب الأجيال الجديدة الشابة ـ من تلاميذه وتلميذاتهظ الذين أشربوا علمه وخلقه وروحه وسلوكه الإنساني, وأصبحوا وعلي رأسهم أستاذهم ومعلمهم كنزا من الكنوز التي يعتز بها الطب في مصر.
العوائق التي وضعت في وجه شريف مختار والتوجهات الاستثمارية التي أوشكت أن تعصف بحصاد عمره في الطب والحياة, ليست الأولي ولن تكون الأخيرة. ولن يكون الوحيد الذي يستهدفه الحاقدون والفاشلون وما أكثرهم في كل موقع يحولون عجزهم الي سموم ينفثونها في وجه الناجحين ويستفزهم أحباطهم الي محاولة إيقاف مسيرة الناجحين الصاعدين سلم المجد, لايلتفتون الي المتخلفين وراءهم, ولايلقون بالا للمكائد والدسائس والتآمر الرخيص.
أمثال شريف مختار حين تكرمهم الدولة فهي تكرم نفسها, وحين تصونهم وتحفظ عليهم هدوءهم واستقرارهم وقدرتهم علي العمل والإنجاز, فهي تصون نفسها وتحفظ عليها أرفع ما لديها من قيم ومثل عليا; وحين تضمن لهم أن يتفرغوا للمهنة التي أصبحت علي أيديهم رسالة حياة, فهي تصون أثمن مالديها من عقول وخبرات وزيادة ومكانة. وفي مصر كثير من نوابغ الأطباء, أصحاب الصيت العالمي في تخصصاتهم وإنجازاتهم, لكنهم ليسوا جميعا علي قدم المساواة حين يتصل الأمر بالبعد الإنساني في أداء الرسالة, وتتطلب الحالة عبقرية الطبيب وإنسانيته معا, ورعايته غير القادرين من مرضاه وقاصدي علمه وخبرته. وهو الأمر الذين أصبح به شريف مختار علما علي عبقرية الطبيب وإنسانيته معا, وبالجانبين ـ في إكتمالهما ـ صار له مكانه وموقعه في قلوب زملائه وتلاميذه ومرضاه وعارفي فضله وقاصديه من كل صوب, وفي عقولهم أيضا. وهو الأمر نفسه الذي أحاط بالعالم الجليل الدكتور محمد غنيم ومركزه العالمي في المنصورة, ومايقال عن هذين النموذجين الباهرين يصدق علي غيرهما من رسل الطب وعلمائه المنقطعين للطب في إخلاص نادير المثال, وتجرد من كل منفعة شخصية, إيمانا منهم بحق الوطن وحق أبنائه عليهم.
كيف نصون هذه النخبة من عبث الروتين والبيروقراطية وغباء اللوائح, ومن معاملتهم بمنطق أنه ينطبق عليهم ماينطبق علي غيرهم, وكأننا نعمي عن التمايز, ولانفرق بين العبقري النادر والعادي المتوفر!
وكيف تضمن ألا يتكرر ماحدث لشريف مختار مرة أخري, له أو لغيره, بعد أسابيع أوشهور! وألا يعود المتسببون في الزوبعة التي حدثت وانقشعت ـ بفضل رد الفعل السريع والحاسم ـ الي نسج خيوط التآمر والتشكيك ـ من جديد, ووضع العراقيل ـ مرة أخري ـ في وجه من ليس لديه وقت لمثل هذه الصغائر!
بل, لعلي ـ والشيء بالشيء يذكر, ـ أتساءل عن مصير المشروع العلمي الجليل الذي فاضت به تصريحات عالم نوبل الدكتور أحمد زويل وتصريحات المسئولين في الوقت نفسه, عن المركز العلمي أو مدينة العلوم, التي ستكون بمثابة قاعدة للبحث العلمي في مصر, تحت إشراف زويل, بل لقد سمعنا عن جامعة متخصصة تحمل اسم الدكتور زويل. وشيئا فشيئا خفت الصوت, وتغيرت النبرة, وبدأنا نسمع عن بلاد شقيقة من حولنا تتلقف مشاريع زويل وتحولها الي واقع يشيد علي الأرض. أليس هذا حلقة في السلسلة التي تجعلنا نطالب برعاية علمائنا وصيانتهم, بدلا من الهجوم عليهم بميراث البيروقراطية الهائل في مصر, وأحقاد العاجزين الخاوين من كل قدرة أو طموح؟
إن المحنة التي عاشها شريف مختار ـ حتي لو كان أمدها مجرد أيام أو ساعات قبل أن تنقشع ـ تجعلنا ننظر إلي سياق أشمل وليس الي حالة منفردة بذاتها, وهو سياق ينتظم عددا من صفوة علمائنا وكنوزنا البشرية, وبحسب الدكتور شريف مختار أن نقول له: قر عينا, فأنت وأمثالك أوسمة علي صدر مصر. | |
|